مشاركة بناءة وتعليم فعال وتنقل بلا قيود، شباب عربي يبعث رسائل عبر منتدى الشباب بالأمم المتحدة
جلسات عديدة جمعت شبابا من مختلف أنحاء العالم، تم تقسيمها بحسب الإقليم أو الموضوع كما أوضح لنا د. سامح كامل، الرئيس الدولي لمجموعة الأمم المتحدة الرئيسية للأطفال والشباب التي شاركت في تنظيم المنتدى.
وقال سامح كامل إن إحدى الجلسات كانت مخصصة للمنطقة العربية، وشهدت مشاركة “مجموعة مميزة جدا من الشباب يمثلون بلدانا عربية مختلفة وتحدثوا عن الواقع الذي يعيشه الشباب العربي اليوم”.
وتمحورت المناقشات حول مطالب الشباب وتطلعاتهم فيما يخص خمسة من أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر. وتلك الأهداف الخمسة هي القضاء على الفقر، القضاء على الجوع، العمل المناخي، السلام والعدالة المؤسسات القوية، والشراكات لتحقيق الأهداف.
قوة التعاون الحقيقي
من بين الذين تحدثوا في الجلسة المخصصة للمنطقة العربية، عطا خالد الشاب الفلسطيني المصري الذي تحدث أمام أقرانه من شباب المنطقة عن العدالة الاجتماعية وتحديدا في فلسطين، وغياب تلك العدالة بسبب مجموعة من العوامل “ما بين الاحتلال والانقسام”.
عطا الذي يقضي زمالة لبضعة أشهر في الولايات المتحدة ويعمل في مجال الاتصال عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قال لأخبار الأمم المتحدة إنه حمل مجموعة من الرسائل من خلال مشاركته بما فيها “قوة التعاون الحقيقي والبَناء من أجل دعم إشراك حقيقي للشباب العربي في مراكز صنع القرار انطلاقا من أن الموارد العربية الفكرية والمادية ثرية. ونحن نحتاج فقط للعمل مع بعضنا البعض”.
ومن ضمن الرسائل التي حملها عطا للمنتدى هي دعوة الحكومات ومفاصل صناعة القرار إلى إتاحة مساحة مشاركة حقيقية للشباب في وضع السياسات والبرامج والخطط.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش أكد في كلمته في افتتاح المنتدى أنه “ملتزم تماما بإشراك الشباب في عملية صنع القرار السياسي؛ ليس فقط الاستماع إلى وجهات نظركم، ولكن التصرف بناء عليها”.
أهمية التعليم في بناء الشباب
ومن أجل إيصال رسائل الشباب وأصواتهم، أوضح الرئيس الدولي لمجموعة الأمم المتحدة الرئيسية للأطفال والشباب أنهم يعملون من خلال تلك المحافل على التفاوض نيابة عن الأطفال والشباب على مستوى العالم، ويبنون تحالفات مع دول عربية وغير عربية من أجل العمل سويا على دعم صوت الشباب والتعاون على الملفات المشتركة بما فيها الفقر والصحة والمناخ والتعليم.
التعليم هو الشغل الشاغل بالنسبة إلى دينا عبد المحسن الشابة المصرية التي تشق طريقها في العمل مع المنظمات غير الحكومية في بلدها، وحصلت على فرصة زمالة في الولايات المتحدة للاستفادة من تجربة تلك المنظمات تحديدا في العاصمة الأمريكية واشنطن.
وقالت دينا إن التعليم هو ما يساهم في “بناء شخص مثقف يعرف جيدا ماذا يريد في المستقبل. والتعليم الجيد يجعل الشباب قادرين على تحديد مجال دراستهم. فهناك الكثير من الشباب الآن لا يعرفون بالضبط ما الذي يريدون دراسته وما هي الجامعة التي يرغبون في الالتحاق بها”.
وأشارت إلى أن هذا الأمر يُضيق من أفق الشباب ويجعل فرص العمل “ضئيلة جدا”.
التحول المناخي وشباب المنطقة
قضية التعليم ترتبط بالعديد من المناحي الأخرى التي تمس حياة الشباب ومستقبلهم، ومنها قضية المناخ.
هالة الوجداني الشابة السعودية المتخصصة في مجال استخدام علم الجيولوجيا في التحول الطاقي، حملت تخصصها وخبراتها وجاءت لحضور المنتدى وقالت إنها “شغوفة بإيجاد حلول مع بقية شباب العالم لكيفية توعية العالم وشبابه بشكل خاص بشأن أهمية الجيولوجيا كعلم. وكيف نستطيع أن نوعي الشباب بمشاكل المناخ المقبلين عليها وكيفية حلها عن طريق التعليم ومشاركة الجميع في صنع القرار”.
وقالت هالة إن أحد الموضوعات التي استحوذت على اهتمامها “تأثير التحول المناخي على نساء المنطقة”، إلى جانب قضايا أخرى ناقشها الحاضرون بما فيها أهمية تحقيق السلام في المنطقة حتى يتمكن الشباب من المساهمة في التنمية المستدامة.
وخلال تلك الحوارات والنقاشات، كان الكل “مليئا بمشاعر التفاؤل والرغبة في إحداث التغيير”، كما أوضحت الشابة السعودية هالة الوجداني.
هذه الرغبة في التغيير عبرت عنها أيضا الشابة اللبنانية، بهية مخلاتي التي تعمل مستشارة أعمال ولديها خبرة في العمل مع وكالات الأمم المتحدة.
وقالت بهية إن المنتدى كان فرصة لجمع أكبر عدد ممكن من الشباب تحت قبة واحدة لمشاركة أفكارهم والحديث عن المستقبل، مؤكدة أنه “أمر مميز أن تكون محاطا بعقول من مختلف الخلفيات لتوسيع معرفتك في عدة مجالات واسعة”.
قمة المستقبل وتحقيق الأحلام
العمل من أجل مستقبل أفضل للشباب تجسد في إنشاء مكتب جديد للشباب في الأمم المتحدة وضمان أن يكون للشباب دور قوي في الفترة التي تسبق قمة المستقبل في أيلول/سبتمبر القادم، والتي وصفها الأمين العام بأنها “لحظة محورية لتعزيز أهداف التنمية المستدامة، وإعادة تنشيط التعددية”.
مجموعة الأمم المتحدة الرئيسية للأطفال والشباب تلعب دورا في التحضير للقمة كما قال لنا المسؤول في المجموعة سامح كامل، عبر “التحالف من أجل المستقبل” الذي لا يضم شبابا فحسب، وإنما أيضا منظمات مجتمع مدني.
وقال سامح كامل إن هناك الكثير من التوقعات من قمة المستقبل بما فيها على سبيل المثال إصلاح نظام الأمم المتحدة، مؤكدا أن هناك “أحلاما كبيرة نتمنى أن نراها تتحقق على أرض الواقع. ولكن هناك حاجة للكثير من العمل. ورغم ذلك، نحن قادرون على تحقيق الأحلام التي نطمح إليها”.
أحد تلك التطلعات هي الحصول على التعليم المناسب والعمل اللائق والفرصة والتشجيع من المعنيين، كما قالت الشابة المصرية دينا عبد المحسن، التي تؤمن بأهمية التطور والتطوير المستمرين.
ولكن الطريق يبدأ أولا من “مستقبل بلا حرب”، وهو ما أكده الرئيس الدولي للمجموعة الرئيسية للأطفال والشباب.
“مواطن عالمي”
الشباب المشاركون اتفقوا على هذا الأمر وزادوا عليه بالتأكيد مرة أخرى على أن يتوسع تجمع مثل منتدى الشباب ليشمل الشباب الذين لا يقوون على الحضور والمشاركة بسبب قلة الموارد وعدم الدراية الكافية بتلك التجمعات، وهذا ما أشارت إليه الشابة السعودية هالة الوجداني.
وقالت إن الخطوة الأخرى هي أن “نذهب الى بلادنا ونقول إنه في هذا المحفل تقدر أن تذهب وتعبر عن آرائك وأن تُسمع وأن يُؤخذ رأيك بالاعتبار في صنع القرارات وفي تشكيل المستقبل”.
وأضافت أنه “بما أننا سنكون المستقبل، نريد أن تأخذ القرارات التي تُصنَع اليوم في الاعتبار رأينا وتُطبق حتى يكون لنا نصيب في خلق مستقبلنا”.
وتطرقت الشابة اللبنانية بهية مخلاتي إلى أمر مهم آخر من أجل مستقبل أفضل للشباب وهو الوعي بأهمية أصواتهم الانتخابية والمشاركة السياسية الفعالة وأن يتعاملوا مع هذا الأمر بجدية، مضيفة أن هناك “الكثير من الفرص في بلدنا والبلاد الأخرى”، وأنه لا ينبغي فقدان الأمل في الحلم والعمل من أجل مستقبل أفضل.
أحلام وطموحات لا تتوقف، فالشاب الفلسطيني، عطا خالد يتطلع إلى أن يكون في يوم من الأيام “مواطنا عالميا لا تقف الحدود والمعابر أمام تحقيق طموحاته وأحلامه”.
وختم كلامه مع أخبار الأمم المتحدة بالقول “أطمح أن يكون هذا العالم بكل موارده مفتوحا أمام كل الشباب حول العالم لأن يشاركوا ويتعلموا ويتبادلوا وينتقلوا من مكان إلى آخر بدون قيود أو شروط”.