أخبار العالم

الأمم المتحدة في لبنان: استمرار الموت والدمار لن يحقق السلامة والأمن



جاء هذا أثناء مؤتمر صحفي عُقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، وشاركت فيه المنسقة الخاصة من بيروت برفقة المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في لبنان، عمران ريزا.

وقالت بلاسخارت: “أستطيع أن أقول لكم دون تحفظ إن الوضع خطير. فقد أصبح القصف المتواصل جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية في لبنان”، مشيرة إلى أنه في غضون أسبوع واحد تخطت حصيلة القتلى ما سُجل في حرب 2006 التي استمرت شهورا.

وأفادت كذلك بأن حزب الله يواصل إطلاق الصواريخ والقذائف على إسرائيل، مما يمنع عشرات الآلاف من الإسرائيليين من العودة إلى ديارهم.

وأكدت المسؤولة الأممية “أن استمرار الموت والدمار الذي شهدناه حتى الآن لن يحقق ولا يحقق السلامة أو الأمن. قد يؤدي ذلك إلى انتصارات تكتيكية قصيرة الأجل، لكن المكاسب الاستراتيجية الأطول أجلا ستظل بعيدة المنال”. وأضافت أن “التاريخ، بما في ذلك التاريخ الحديث، أظهر لنا أن العنف لا يعني سوى المزيد من العنف”.

“لا بد أن تتوقف النيران”

وقالت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة للبنان إن وقف إطلاق النار أو الهدنة يمكن أن توفر نافذة، ومن ثم مساحة مهمة لكي تنجح الجهود الدبلوماسية.

وأكدت أن هناك حاجة إلى خريطة طريق واقعية لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 من قبل الجانبين، والتي يجب أن تتضمن آليات تطبيق وتنفيذ واضحة، منبهة إلى أن ضعف تنفيذ أو عدم تنفيذ القرار 1701 على الإطلاق على مدار الـ 18 عاما الماضية “هو السبب وراء الواقع القاسي الذي نعيشه اليوم”.

وقالت إن هناك حاجة كذلك إلى عودة الدولة اللبنانية للمعادلة، مشددة على أن دولة لبنانية موحدة وقادرة ومجهزة سوف تكون حاسمة. وحذرت من أن الناس على جانبي الخط الأزرق- الفاصل بين لبنان وإسرائيل- يعانون وأن الناس في مختلف أنحاء المنطقة والعالم يحبسون أنفاسهم.

وقالت بلاسخارت: “لا ينبغي لنا أن نصبح غير مبالين. ولا ينبغي لنا أن نقبل هذا باعتباره الوضع الطبيعي الجديد. فالقيام بذلك يعني الوقوع في الهاوية. وبعبارة أخرى، لابد أن تتوقف النيران”.

ودعت إلى إيجاد سبيل للعودة إلى طاولة المفاوضات، “طاولة يمكن فيها تقاسم مصالح جميع الأطراف والنظر فيها، وحيث يمكن إيجاد حلول مستدامة والاتفاق عليها مرة أخرى”.

“ذكريات مؤلمة”

بدوره، قال المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في لبنان، عمران ريزا إنه “بالنسبة للبنانيين، فإن هذا الصراع يعيد ذكريات مؤلمة عن الأزمات الماضية. وبالنسبة للاجئين الفلسطينيين والسوريين في لبنان، فإنه بمثابة تذكير صارخ بالدمار الذي عانوه في أوطانهم. وبالنسبة للعمال المهاجرين الذين تقطعت بهم السبل، فإنه يجلب عدم اليقين وانعدام الأمن”.

وأفاد ريزا بأنه في الأسابيع الثلاثة الماضية فقط، اشتدت أعمال العنف، مما تسبب في وقوع إصابات واسعة النطاق بين المدنيين، ونزوح جماعي، ودمار شامل في جميع أنحاء البلاد، مما يمثل واحدة من أكثر الفترات دموية في تاريخ لبنان الحديث.

وأشار إلى تعرض العاملين في مجال الرعاية الصحية والخطوط الأمامية للهجوم، وكذلك مراكز الدفاع المدني وأنظمة إمدادات المياه، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

وقال: “إن مقتل أكثر من 100 من المسعفين والعاملين في مجال الرعاية الصحية والموظفين العموميين يضعف قدرة لبنان على الاستجابة للطوارئ. يجب أن يتوقف هذا. حتى الحروب لها قواعد”.

ودعا جميع الأطراف إلى الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، مضيفا “يجب الحفاظ على الأشياء التي لا غنى عنها لبقاء المدنيين”.

الوصول لمناطق صعبة

وأكد منسق الشؤون الإنسانية في لبنان أن الأمم المتحدة وشركاءها يقدمون المساعدة لمن هم في حاجة إليها، بالتنسيق مع الوزارات والحكومة والمنظمات المحلية. وأوضح أنه بالإضافة إلى تقديم المساعدات الحاسمة للنازحين، “فإننا نعمل أيضا بجد للوصول إلى المناطق التي يصعب الوصول إليها لمساعدة المدنيين المحتاجين الذين بقوا هناك”.

وأشار إلى أنه يوم السبت الماضي، توجهت أول قافلة مساعدات إلى صور تحمل إمدادات الإغاثة التي تشتد الحاجة إليها. وقال ريزا إن “العديد من زملائنا المحليين هم أنفسهم نازحون أو يستضيفون عائلاتهم الممتدة مع بقائهم ملتزمين بالمساعدة في هذه الأوقات الصعبة”.

وأضاف المسؤول الأممي: “لن يتحقق حل هذه الأزمة من خلال العمل الإنساني. بل يتطلب الأمر نفوذا متضافرا لضمان احترام القانون الدولي الإنساني، فضلا عن عملية سياسية دبلوماسية قوية تؤدي إلى وقف إطلاق نار دائم. وبدون ذلك، فإن المعاناة سوف تتعمق وتنتشر”.

عمل الوكالات الأممية

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه بعد مرور عام على تصعيد الأعمال العدائية عبر الحدود الجنوبية للبنان، تتدهور الأزمة الإنسانية هناك بمعدل ينذر بالخطر. 

وفي آخر تحديث له نشره اليوم الأربعاء، أفاد المكتب بأن الغارات الجوية الإسرائيلية لم تشتد فحسب، بل امتدت أيضا إلى مناطق لم تتأثر سابقا واستهدفت بشكل متزايد البنية التحتية المدنية الحيوية في لبنان، مضيفا أن القصف المستمر يزيد من معاناة السكان الضعفاء.

وأوضح أنه في يوم واحد وهو 6 تشرين الأول/أكتوبر، ضربت أكثر من 30 غارة جوية الضاحية الجنوبية لبيروت والمناطق المحيطة بها مما أدى إلى تخويف السكان وإجبار المزيد على النزوح من المناطق المكتظة بالسكان، بما في ذلك مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين.

وقال المكتب أنه بحسب وزارة الصحة العامة اللبنانية، قُتل أكثر من 2083 شخصا وأصيب 9869 آخرون منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وحتى السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2024. وأشار إلى ارتفاع أرقام النزوح، حيث لجأ 180,700 شخص إلى 978 مأوى، 775 منها بالفعل بكامل طاقتها (80 في المائة من الملاجئ المتاحة).

ومع تأخير بدء العام الدراسي الجديد إلى 4 تشرين الثاني/نوفمبر، أفادت منظمة اليونيسف بأن حوالي 350 ألف طفل نزحوا بسبب الصراع المستمر.

وقال المكتب إنه مع شعور المجتمع الإنساني بقلق بالغ إزاء الخسائر البشرية الناجمة عن تصاعد العنف في جميع أنحاء البلاد وخاصة العدد الكبير من الضحايا المدنيين، بما في ذلك الأطفال والنساء، والنازحين بأعداد كبيرة، فإنه يحث جميع الأطراف على حماية المدنيين والعاملين في المجال الإنساني كأولوية قصوى، بما يتفق مع التزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي.

تخفيف المعاناة

برنامج الأغذية العالمي قال إنه يعمل على توسيع نطاق المساعدات للوصول إلى مليون شخص متضرر من الأزمة الحالية، داعيا المجتمع الدولي إلى تعبئة الموارد اللازمة لهذه الاستجابة الإنسانية الحاسمة.

بدورها، أكدت منظمة الصحة العالمية أن ضمان الحصول على الأدوية اللازمة لعلاج الأمراض المزمنة يشكل أولوية قصوى في لبنان.

وأضافت في منشور على موقع إكس أنه من أجل تخفيف بعض معاناة النازحين، تعمل المنظمة على مدار الساعة لتوفير وتسليم الأدوية الأساسية بسرعة إلى مستشفيات الإحالة التابعة لوزارة الصحة اللبنانية.

تدابير لدعم ذوي الإعاقة

وفي تطور آخر، اتخذت منظمتا العمل الدولية واليونيسف بالشراكة مع وزارة الشؤون الاجتماعية اللبنانية، تدابير فورية للاستجابة للصدمات من خلال إطار البدل النقدي الوطني للأشخاص ذوي الإعاقة الذي يوفر بالفعل الدعم النقدي لأكثر من 27 ألف شخص من ذوي الإعاقة تتراوح أعمارهم بين 15 و30 عاما في لبنان.

وقدمت المبادرة دعما عاجلا لمعالجة الاحتياجات الإنسانية الناشئة عن الصراع الدائر في البلاد والذي أثر على عشرات الآلاف من الأشخاص ذوي الإعاقة.

وأفادت المنظمتان بأنه بالإضافة إلى تعزيز صرف المدفوعات الشهرية المنتظمة لجميع المستفيدين من البدل النقدي الوطني للأشخاص ذوي الإعاقة، تم تقديم دفعة طارئة لمرة واحدة بقيمة 100 دولار أمريكي إضافية لكل من المستفيدين الحاليين البالغ عددهم 5000 في المناطق المتضررة في لبنان.


اكتشاف المزيد من موقع fffm

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من موقع fffm

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading