الكوليرا والمجاعة والعنف يهددون ملايين السودانيين واللاجئين في تشاد

وقالت جوسلين إليزابيث نايت، مسؤولة الحماية في مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين: “أخبرني الناس عدة مرات أنهم أثناء فرارهم من مخيم زمزم للنازحين (في شمال دارفور)، كان مسلحون يهددونهم أثناء هروبهم، ويقولون لهم: ‘اهربوا، اذهبوا إلى أي مكان، اركضوا هنا أو هناك، سنتبعكم، وسنجدكم’.”
وفي إفادة للصحفيين في جنيف، اليوم الجمعة وصفت السيدة نايت حديثها مع طفل مصدوم في ملجأ تابع للمفوضية، والذي قالت إن تجربته هي انعكاس لتجارب عدد لا يحصى من الأطفال الآخرين في جميع أنحاء البلاد، حيث قالت: “أخبرني صبي صغير، ‘خلال النهار الأمور على ما يرام هنا، لكني أخشى أن أنام في الليل خوفا من أن يتعرض المكان الذي نعيش فيه للهجوم مرة أخرى’.
جوع ومرض ويأس
وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن استمرار العنف يواصل دفع النظام الصحي إلى حافة الانهيار، الأمر الذي فاقم الأزمة التي تتسم بالجوع والمرض واليأس.
منذ بداية الصراع، تحققت منظمة الصحة العالمية من وقوع 174 هجوما على المرافق الصحية، مما أدى إلى 1,171 حالة وفاة و362 إصابة، وأثر على المرافق الصحية، وفقا للدكتورة إلهام نور كبيرة مسؤولي الطوارئ في المنظمة خلال حديثها للصحفيين في جنيف اليوم الجمعة.
وأفادت المنظمة بانتشار الكوليرا في جميع أنحاء السودان، حيث أبلغت جميع الولايات عن تفشي المرض. وتم الإبلاغ عما يقرب من 100,000 حالة منذ تموز/يوليو من العام الماضي. كما توجد حالات تفش للحصبة والملاريا وحمى الضنك وشلل الأطفال.
ونبهت المنظمة إلى أن الجوع يفاقم عبء المرض، مشيرة إلى أن ما يقرب من 25 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وتنتشر المجاعة في عدة مناطق في دارفور وكردفان – بما فيها الفاشر، مليط، أم كدادة، والطويشة في دارفور، وجبال النوبة الغربية في كردفان – مع خطر المزيد من التوسع، خاصة مع دخول موسم العجاف.
وأشارت المنظمة إلى أن التبعات الصحية لهذا الأمر مقلقة. فمن المتوقع أن يعاني حوالي 770,000 طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد الوخيم هذا العام. وأفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) أن عدد الأطفال الذين يتلقون العلاج من سوء التغذية الحاد الوخيم في دارفور قد زاد بنسبة 46% في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025.
وأوضحت منظمة الصحة العالمية أنها تدعم حاليا 33 مستشفى و60 مركزا للرعاية الصحية الأولية، وتخطط للتوسع في 60 مركزا آخر، مما يوفر خدمات صحية أساسية تشتد الحاجة إليها. ويشمل دعم منظمة الصحة العالمية الإمدادات الصحية الحيوية والتدريب والدعم التشغيلي لبعض هذه المرافق.
واختتمت الدكتورة إلهام نور إحاطتها بالقول: “الناس الذين يعيشون (في مناطق النزاع) بحاجة ماسة إلى متنفس. منظمة الصحة العالمية ملتزمة بخدمة احتياجاتهم، ونحث العالم على عدم غض الطرف عن معاناتهم”.

الكوليرا تفاقم معاناة اللاجئين في تشاد
دعت مفوضية شؤون اللاجئين، على وجه السرعة، إلى ضخّ تمويل فوريّ لتوسيع نطاق الدعم الإغاثي في مجالات الصحة والنظافة والمياه والمأوى والتغذية، وذلك تجنّباً لكارثة صحية، في أعقاب الإعلان عن تفش مميت للكوليرا في مخيم للاجئين في شرق تشاد يستضيف لاجئين سودانيين من دارفور، مما أثار قلقا بشأن تدهور الأوضاع الصحية مع نفاد المساعدات الإنسانية.
حتى أوائل آب/أغسطس، تم الإبلاغ عن 264 حالة كوليرا و12 حالة وفاة في مخيم دوغي للاجئين والقرى المحيطة به. كما ظهرت حالات مشتبه بها في مخيم تريغوين الذي يستضيف أيضا لاجئين سودانيين.
كما أن المواقع الحدودية، التي تستضيف ثلث القادمين الجدد من اللاجئين، معرضة لخطر انتقال العدوى بشكل كبير مع استمرار وصول مزيد من الأشخاص من دارفور.
في أدري – وهو أكبر موقع عشوائي والذي يستضيف أكثر من 235,000 شخص- يجري حاليا التحقيق في ثلاث حالات مشتبه بها، مما يثير مخاوف من انتشار أوسع نطاقا. وعبر الحدود في دارفور، فإن الوضع يعتبر أكثر خطورة، وفقا للمفوضية حيث تم الإبلاغ عن أكثر من 4,300 حالة إصابة و113 حالة وفاة.
يُسرّع الاكتظاظ في المناطق التي تستضيف اللاجئين، إضافة إلى نقص المياه النظيفة، ومحدودية مرافق الصحة والصرف الصحي، من انتقال العدوى.
وذكرت المفوضية أنها تسعى إلى الحصول على 130 مليون دولار كتمويل مرن لتقديم مساعدات حيوية لما يقدر بنحو 800 ألف شخص في دارفور، والاستجابة لتفشي الكوليرا المستمر، ونقل 239 ألف لاجئ سوداني من الحدود التشادية السودانية، ومعالجة الثغرات الرئيسية في تقديم الخدمات بحلول نهاية عام 2025.
منذ اندلاع الحرب في نيسان/أبريل 2023، فرّ أكثر من 873 ألف لاجئ سوداني من دارفور وعبروا إلى تشاد التي تستضيف الآن أكبر عدد من اللاجئين السودانيين المسجلين منذ بدء الصراع. في شرق تشاد، فإن واحدا من كل ثلاثة أشخاص هو الآن في عداد اللاجئين.
خطر الذخائر غير المنفجرة

متحدثا من بورتسودان للصحفيين في جنيف، قال صديق راشد رئيس برنامج الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في السودان إن مخلفات الحرب من المتفجرات والألغام الأرضية هي أحد التبعات الخطيرة للصراع الدائر، وكذلك لجميع الحروب السابقة في السودان التي خلفت وراءها العديد من الذخائر الخطيرة غير المنفجرة.
وأوضح أن هذه المشكلة كبيرة وموجودة على نطاق واسع في العديد من المدن والمناطق الحضرية المكتظة بالسكان في الطرق، الشوارع، الأحياء السكنية، المدارس، والمناطق الطبية، مشيرا إلى أن السكان غير مدركين إلى حد كبير للمخاطر التي تنتظرهم.
“ومع المعارك الجديدة كل يوم، تزداد الذخائر غير المنفجرة. في الأسبوع الماضي فقط، تم تحديد ستة حقول ألغام في الخرطوم، ثلاثة منها تحتوي على ألغام أرضية مضادة للأفراد”.
في شهر واحد فقط من العمل في الخرطوم، عثر فريقان من أونماس على أكثر من 1000 ذخيرة غير منفجرة.
وأشار صديق راشد إلى أنه لا يوجد حاليا سوى عشرة فرق لإزالة الألغام، لذا هناك حاجة أكبر بكثير لزيادة هذه الجهود بسرعة. وقال إن هناك حاجة إلى حوالي 23 مليون دولار لهذه الجهود في عام 2025، لم يتم الحصول سوى على مبلغ ضئيل منه.
ودعا صديق راشد مختلف الشركاء الإنسانيين إلى المساعدة في نشر الوعي بالمخاطر واسعة النطاق للذخائر غير المنفجرة. وأوضح أن الإزالة عملية عالية التكلفة بينما التثقيف حول المخاطر والتهديدات هو منخفض التكلفة نسبيا.