صحة

جمعية الصحة العالمية – اختبار للتعاون الدولي بشأن الجوائح والمناخ والرعاية الشاملة


ومع استمرار الدول في التعامل مع آثار جائحة كوفيد-19، يأمل قادة الصحة أن يضمن الاتفاق الجديد اتخاذ إجراءات سريعة لحماية الأرواح وسبل العيش عند حدوث تفشٍ جديد، أو جائحة أخرى.

جمعية الصحة العالمية هي أعلى جهاز لاتخاذ القرار في منظمة الصحة العالمية. وتجتمع تلك الجمعية مرة كل عام وتحضرها وفود من جميع الدول الأعضاء في المنظمة. والوظيفة الرئيسية للجمعية هي تحديد سياسات المنظمة. وهي تتولى أيضا تعيين المدير العام ومراقبة السياسات المالية التي تنتهجها المنظمة.

ويعج جدول أعمال الجمعية الثامنة والسبعين بالعديد من الموضوعات محل النقاش بما فيها التأهب للأوبئة والمخاطر الصحية المرتبطة بالمناخ والصحة النفسية ورعاية الأمومة والعدالة البيئية. ولكن مع تصاعد التوترات الجيوسياسية، سيُختَبر التعاون الدولي في هذه القضايا الحيوية وغيرها.

فيما يلي بعض أبرز المجالات التي من المتوقع أن تهيمن على النقاش.

1- اعتماد مسودة اتفاق بشأن الجوائح و”تفاؤل حذر”

أظهرت جائحة كوفيد-19 وجود تفاوتات صارخة في الوصول إلى التشخيصات والعلاجات واللقاحات، سواء داخل البلدان أو فيما بينها. فقد أُثقِل كاهل خدمات الرعاية الصحية، وتعطلت الاقتصادات بشدة، وفقد ما يقرب من سبعة ملايين شخص حياتهم.

كان هذا هو الدافع وراء تضافر جهود الدول للعمل على اتفاق يضمن تعامل العالم مع الجائحة القادمة بطريقة أكثر عدلا وكفاءة. وعندما يصل المندوبون إلى جنيف يوم الاثنين 19 أيار/مايو – وهو يوم بدء اجتماعات الجمعية – سيناقشون نص الاتفاق، الذي وصفه مدير عام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، بأنه “حيوي للأجيال القادمة”.

وإذا تم اعتماد الاتفاق، فسيكون إنجازا كبيرا في طريقة تعامل العالم مع الأوبئة والأزمات الصحية.

ومع ذلك، لا تزال المفاوضات حساسة سياسيا. فقد أعربت عدة دول، بما فيها الولايات المتحدة، عن مخاوفها بشأن السيادة الوطنية وحقوق الملكية الفكرية.

لكن مدير عام المنظمة أعرب في الأسابيع الأخيرة عن “تفاؤل حذر” بإمكانية التوصل إلى توافق في الآراء.

2- تغير المناخ: تهديد وجودي

لا تقتصر أزمة المناخ على ارتفاع درجات الحرارة فحسب، بل إنها تعرض الأرواح للخطر، حيث تتزايد الظواهر الجوية المتطرفة وتفشي الأمراض، مما يُهدد صحة الملايين.

وتدعو خطة عمل وضعتها منظمة الصحة العالمية إلى تضافر سياسات المناخ والصحة، وتعزيز القدرة على الصمود، وضمان التمويل اللازم لحماية المجتمعات الضعيفة.

صدرت مسودة الخطة عقب قرار اعتُمد في اجتماع عام 2024. ومن المتوقع أن يضع المندوبون هذا العام اللمسات الأخيرة على المسودة، التي تتضمن استراتيجيات للتكيف مع المخاطر الصحية المرتبطة بالمناخ والتخفيف من حدتها.

3- الصحة للجميع: إعادة الرعاية الصحية الشاملة إلى المسار الصحيح

يعد ضمان حصول جميع الناس على مجموعة كاملة من الخدمات الصحية الجيدة التي يحتاجونها بتكلفة معقولة أحد أهداف التنمية المستدامة.

ومع ذلك، فإن الهدف المتعلق بالصحة بعيد كل البعد عن المسار الصحيح، حيث شهدت تحسينات الخدمات الصحية ركودا على مدى السنوات العشر الماضية.

وستكون الرعاية الصحية الشاملة رغم ذلك من أهم أولويات الجمعية، حيث سيناقش المندوبون استراتيجيات لتعزيز أنظمة الرعاية الصحية الأولية، وتأمين التمويل المستدام، وتوفير الرعاية للفئات الضعيفة.

أخصائي يفحص إمرأة حامل مصابة بالسكري في مركز مساعدة مرضى السكري والغدد الصماء في باهيا بالبرازيل.

© WHO/Panos/Eduardo Martino

أخصائي يفحص إمرأة حامل مصابة بالسكري في مركز مساعدة مرضى السكري والغدد الصماء في باهيا بالبرازيل.

4- بداية صحية لمستقبل واعد للأم والوليد

تفقد ما يقرب من 300 ألف امرأة حياتها بسبب الحمل أو الولادة كل عام، بينما يموت أكثر من مليوني رضيع في الشهر الأول من حياتهم.

وفي نيسان/أبريل، أطلقت منظمة الصحة العالمية حملة تستمر عاما كاملا لإنهاء وفيات الأمهات والمواليد الجدد التي يمكن الوقاية منها.

وتحث الحملة، التي تحمل عنوان “بداية صحية لمستقبل واعد”، الحكومات والقطاع الصحي على تكثيف الجهود لإنهاء وفيات الأمهات والمواليد الجدد التي يمكن الوقاية منها، وإعطاء الأولوية لصحة المرأة ورفاهها على المدى الطويل.

من المتوقع الإعلان عن أهداف جديدة والتزامات متجددة لإنهاء الوفيات التي يمكن الوقاية منها في الجمعية.

5- سد الفجوات: الأمراض غير المعدية

تودي الأمراض غير المعدية، مثل أمراض القلب والسرطان والسكري، بحياة عشرات الملايين من الناس كل عام. حوالي ثلاثة أرباع هذه الوفيات تقع في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.

يمكن إنقاذ أرواح كثيرة لو تبنت المزيد من الدول استجابات وطنية فعالة، تشمل الكشف والفحص والعلاج، بالإضافة إلى الرعاية التلطيفية.

واستعدادا لاجتماع منظمة الصحة العالمية حول الأمراض غير المعدية والصحة النفسية في أيلول/سبتمبر، سيستعرض المندوبون كيفية تعاون المنظمة مع الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص للوقاية من هذه الأمراض ومكافحتها، ومناقشة سبل تحسين الوصول إلى الأدوية الأساسية والتقنيات الصحية.

(أرشيف) مرض السكري قد يؤدي إلى فقدان البصر.

(أرشيف) مرض السكري قد يؤدي إلى فقدان البصر.

تنظيم الشؤون المالية

وُصف هذا العام بأنه من أكثر الأعوام تحديا على الإطلاق في الأمم المتحدة، التي تواجه ضغوطا شديدة على مواردها المالية. وأعلنت الولايات المتحدة، وهي جهة مانحة رئيسية، انسحابها من منظمة الصحة العالمية في كانون الثاني/يناير، كما خفضت دول أخرى تمويل التنمية والمساعدات.

وستشهد جمعية الصحة العالمية هذا العام تفاوض الدول الأعضاء على زيادة الميزانية الأساسية بنسبة 50 في المائة، وهو أمر كان قيد الإعداد منذ اجتماع عام 2022.

في حال الموافقة على زيادة التمويل، فسيوفر ذلك دفعة حيوية في هذه الفترة العصيبة. كما تسعى منظمة الصحة العالمية إلى الحصول على مساهمات طوعية إضافية. ومن المتوقع الحصول على تعهدات إضافية من الدول الأعضاء والمنظمات الخيرية.


اكتشاف المزيد من موقع fffm

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من موقع fffm

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading