غوتيريش: الأمن البحري مهدد عالميا ويجب أن يصبح أولوية دولية عاجلة

جاء ذلك في إحاطته لمجلس الأمن اليوم الثلاثاء، حيث قال السيد غوتيريش إن البشرية جمعاء تعتمد على محيطات وبحار العالم – “بدءا من الأكسجين الذي نتنفسه، ومرورا بالتنوع البيولوجي الذي يدعم جميع أشكال الحياة، ووصولا إلى الاقتصادات والتجارة والوظائف التي تدعمها الصناعات البحرية”.

العمل من أجل الأجيال القادمة

قال السيد غوتيريش إنه رغم الجهود التي بذلها المجلس لمعالجة التهديدات، إلا أن الطرق البحرية العالمية والأشخاص الذين يعتمدون عليها “يرسلون إشارة استغاثة واضحة”.

وأضاف: “من القرصنة والسطو المسلح والاتجار والجريمة المنظمة، إلى الأعمال المدمرة ضد الشحن والمنشآت البحرية والبنية التحتية الحيوية، وصولا إلى الإرهاب في المجال البحري، الذي يشكل تهديدا كبيرا للأمن الدولي والتجارة العالمية والاستقرار الاقتصادي، لا توجد منطقة بمنأى عن هذه المخاطر. والمشكلة تزداد سوءا”.

شدد الأمين العام على ضرورة اتخاذ إجراءات في ثلاثة مجالات رئيسية، وهي:

• احترام القانون الدولي؛
• معالجة قضايا انعدام الأمن البحري على طول الطريق؛
• وبناء الشراكات.

وقال إن احترام القانون الدولي هو “ركيزة الأمن البحري”، لكنه شدد على أن الإطار القانوني الذي يحقق التوازن بين الحقوق السيادية للدول والتزاماتها “لا يكون قويا إلا بقدر التزام الدول بتنفيذه الكامل والفعال”.

وأضاف أنه لا يمكن معالجة التهديدات التي يتعرض لها الأمن البحري دون معالجة قضايا مثل الفقر، ونقص سبل العيش البديلة، وانعدام الأمن، وضعف هياكل الحوكمة.

وقال: “يجب علينا جماعيا بذل مزيد من الجهود للحد من احتمالية لجوء الأشخاص اليائسين إلى الجريمة وغيرها من الأنشطة التي تهدد الأمن البحري وتؤدي إلى تدهور بيئة محيطاتنا”.

وأكد السيد غوتيريش على ضرورة مساعدة الدول النامية على بناء قدراتها على مواجهة التهديدات، مضيفا أن مؤتمر المحيطات المزمع عقده في مدينة نيس الفرنسية الشهر القادم سيوفر فرصة عمل مهمة للدول. 

وشدد على ضرورة إشراك كل من له مصلحة في الفضاءات البحرية، وتعزيز التنسيق وتقوية الحوكمة البحرية مع تزايد تعقيد وترابط التهديدات للأمن البحري.

وأكد الأمين العام أن منظومة الأمم المتحدة على أهبة الاستعداد لمواصلة دعم الجهود الرامية إلى ضمان “مساحات بحرية سلمية وآمنة ومزدهرة للأجيال القادمة”.

وضع استجابة مترابطة

من جانبه، قال البروفيسور كريستيان بويغر، الباحث في معهد الأمم المتحدة لبحوث نزع السلاح، إن التجارة البحرية شهدت تسارعا هائلا منذ التسعينيات حيث زادت بنسبة 300%، إلا أن هذا التوسع يؤدي إلى “تهديدات ونقاط ضعف جديدة”.

وأضاف السيد بويغر أن مجلس الأمن يتعامل مع التهديدات للأمن البحري “بطريقة غير منهجية”، وأكد أنه لا توجد جهود مستدامة لمعالجة هذه القضية.

وأضاف أن عودة ظهور القرصنة قبالة سواحل الصومال العام الماضي – والتي كان يعتقد سابقا أنها في طور الاحتواء – “تعد تذكيرا مهما بأن جهودنا في مكافحة الجرائم في البحر يجب أن تكون مستدامة”.

وقال إن تقييما شاملا للأمن البحري العالمي، والذي قاده بنفسه، قد فصّل مجموعة من التحديات الناشئة، بما في ذلك “انتشار أنظمة الأسلحة ذاتية التشغيل، والألغام البحرية، وتهديدات الأمن السيبراني البحري، والشحن غير المستوفي للمعايير المرتبط بالتهرب من العقوبات، والحاجة إلى حماية البنى التحتية البحرية الحيوية – مثل كابلات الإنترنت أو منصات الطاقة الخضراء”.

وفي هذا السياق، شدد على ضرورة اتخاذ قرارات قائمة على الأدلة، وأوضح قائلا: “نحن بحاجة إلى فهم واضح لأماكن تطور تهديدات الأمن البحري، وأين تتصاعد، وكيف يمكن معالجتها”.

وأكد السيد بويغر أن نهج منظومة الأمم المتحدة تجاه الأمن البحري يحتاج إلى “إعادة تقييم وتبسيط”. وقال إن هناك أكثر من 22 وكالة أممية تُعنى بجوانب الأمن البحري بموجب ولايات مختلفة، دون أن تملك أي منها ولاية شاملة، مما يزيد مخاطر التكرار وانخفاض الفعالية في بناء القدرات.

ودعا المجلس إلى النظر في دعم توحيد التنسيق وتبادل المعلومات والتفكير الاستراتيجي، بالإضافة إلى إنشاء مكتب مقرر خاص لتمكين الأمم المتحدة من معالجة الأمن البحري بشكل أكثر اتساقا.

وأضاف: “مع تزايد التهديدات التي تواجهها المياه التي تربطنا، يجب أن تكون استجابتنا مترابطة بنفس القدر. فأمن محيطاتنا لا يقتصر على حماية ممرات الشحن فحسب، بل يشمل أيضا حماية مستقبلنا المحيطي المشترك”.