مسؤول أممي: بقاء البشرية مرهون بصحة المحيط

الحاجة الملحة لاستعادة المحيط ستكون محور مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيط الذي تحتضنه مدينة نيس الفرنسية في الفترة بين 9 و13 حزيران/يونيو 2025. وسيكون هذا أول مؤتمر للأمم المتحدة للمحيطات منذ اعتماد اتفاق قانوني للحفاظ على التنوع البيولوجي البحري واستخدامه المستدام، وستكون حماية الحياة في المحيط موضوعا رئيسيا.
تحدث إلى أخبار الأمم المتحدة كل من بيتر طومسون، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للمحيط، وألفريدو جيرون، رئيس أجندة العمل من أجل المحيط في المنتدى الاقتصادي العالمي، ومينا إيبس، التي تدير برنامج المحيطات في الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، قبيل انعقاد المؤتمر، للحديث عن المبادرات التي تقودها الأمم المتحدة والرامية إلى حماية التنوع البيولوجي البحري.
أخبار الأمم المتحدة: ما مدى خطورة أزمة التنوع البيولوجي البحري؟
مينا إيبس: نحن في وضع حرج للغاية. إذا لم نحم المحيط ونُرمّمه، فسيكون لذلك عواقب مدمرة على جميع الخدمات التي نعتمد عليها. يعتمد المناخ بأكمله على المحيط كمنظم للمناخ. ومع ذلك، لا نريد أن يمتص المحيط المزيد من ثاني أكسيد الكربون، لأن ذلك هو ما يجعله حمضيا، لذا يجب أن نبدأ بخفض الانبعاثات.
إذا كنت في طائرة وحلقت فوق غابة، يمكنك رؤية إزالة الغابات، وذلك يعني أن موئلا قد فُقد. الشيء نفسه يحدث في المحيط، لكن لا يمكننا رؤيته. من الآثار الأخرى لتغير المناخ موجات الحر البحرية، عندما ترتفع درجة حرارة الماء لفترة طويلة. تسببت موجة حر بحرية في بنما في فقدان حوالي 75 بالمائة من تنوع الشعاب المرجانية.
تشكل الشعاب المرجانية أقل من واحد بالمائة من المحيط، ولكن ما يقرب من 25 بالمائة من الأنواع البحرية تعتمد عليها. وتحمي الشعاب المرجانية أيضا من عواصف البحر والظواهر الجوية المتطرفة.
بيتر طومسون: يتسبب الوقود الأحفوري في الاحتباس الحراري الذي يسببه الإنسان، والذي يسخن المحيط بمعدل ينذر بالخطر، مما يسبب تغيرات في النظم البيئية، وارتفاع مستويات سطح البحر، وموت الشعاب المرجانية.

كيف يمكن للبشرية أن تعيش على كوكب صحي إذا لم يكن لديها محيط صحي؟ وكيف يمكن أن يكون لديك محيط صحي إذا لم يكن به شعاب مرجانية؟ لذا، رسالتي هي: اتركوا الوقود الأحفوري في الأرض. وانتقلوا بأسرع ما يمكن إلى الطاقة المتجددة.
ألفريدو جيرون: تعتمد الكثير من الأمور في حياتنا اليومية على المحيط. كيف نأكل، وكيف نتحرك وننقل البضائع. ربما مرت حزمة توصيل خاصة بك على سفينة في مرحلة ما من سلسلة التوريد. كيف نُشغل أنشطتنا: طاقة الرياح البحرية هي أسرع مصدر للطاقة المتجددة توسعا اليوم. أو كيف نتواصل: كابلات أعماق البحار التي نعتمد عليها في العديد من المعاملات لها تأثير على التنوع البيولوجي البحري.
أخبار الأمم المتحدة: ما هي مبادرة التنوع البيولوجي 30×30 وكيف يمكن أن تساعد في استعادة المحيط؟
ألفريدو جيرون: مبادرة 30×30 تتعلق بحماية واستعادة ثلاثين بالمائة من المحيط واليابسة بحلول عام 2030. وقد تقدمت العديد من البلدان وحققت أهدافها في حماية ثلاثين بالمائة من مياهها الوطنية. ولدينا أخيرا اتفاق التنوع البيولوجي خارج الولاية القضائية الوطنية، “معاهدة أعالي البحار”، والتي تمنحنا، لأول مرة، الأدوات القانونية لحماية المياه التي تقع خارج الولايات القضائية الوطنية.
لقد تمكنا من حماية ما يقرب من عشرة بالمائة من المحيط حتى الآن. لذا، بينما ندخل السنوات الخمس الأخيرة من هذا العقد، السؤال المهم الذي يتعين علينا طرحه على أنفسنا هو: كيف سنحمي العشرين بالمائة المتبقية؟ هل لدينا الأدوات المناسبة؟ هل لدينا الحوافز المناسبة؟ هل لدينا القدر المناسب من المال والطموح لتحقيق ذلك؟
بيتر طومسون: أخبرنا أفضل علمائنا أنه إذا لم نقم بحماية 30 بالمائة من الكوكب بحلول عام 2030، فسنبدأ في رؤية تدهور كبير ومتتال للأنواع على هذا الكوكب وانقراضات، بما فيها انقراض الإنسان نفسه.
لذلك تكتسب هذه الحماية بنسبة 30% أهمية كبرى، وقد نهض مجتمع المحيطات والتزم بحماية 30% من المحيط. وسواء أُنجز ذلك أم لا، يبقى سؤالا كبيرا، لكننا على الأقل سنمتلك خطة لتحقيقه.
أخبار الأمم المتحدة: هذا هو أول مؤتمر للأمم المتحدة للمحيطات منذ اعتماد معاهدة أعالي البحار. فلماذا هو مهم؟
بيتر طومسون: المعاهدة تُدخل نظاما متعدد الأطراف لاستغلال الموارد الوراثية وتقاسم التكنولوجيا. نأمل بشدة أنه بحلول وقت مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات، سنكون قد حصلنا على الستين تصديقا المطلوب لدخول المعاهدة حيز التنفيذ.
على نفس القدر من الأهمية بالنسبة لي هي مسألة “الإعانات الضارة المتعلقة بمصايد الأسماك” التابعة لمنظمة التجارة العالمية. نحن قريبون جدا من عقد اتفاق. يتعلق هذا بما يصل إلى 30 مليار دولار من الأموال العامة التي تمول الأساطيل الصناعية كل عام، لتخرج وتطارد مخزونات الأسماك المتناقصة.
إنه جنون بشري. يجب أن تذهب تلك الأموال نحو تنمية المجتمعات الساحلية أو التكيف مع ارتفاع مستوى سطح البحر، بدلا من دعم أساطيل الصيد الصناعية.
أخبار الأمم المتحدة: ما الدور الذي ينبغي أن يلعبه القطاع الخاص في حماية المحيط؟
ألفريدو جيرون: لا يكفي التفكير في الاستخدام المستدام. الآن نحتاج إلى التفكير في التجديد. على سبيل المثال، إذا قمت بتركيب مزرعة رياح بحرية، هل يمكنك التأكد من استخدام المواد الصحيحة بحيث يمكنك بناء شعاب مرجانية حولها؟ أو، إذا قمت ببناء ميناء جديد، هل يمكنك استخدام أشجار المانغروف لحماية وتثبيت الخط الساحلي، مع التأكد من أن الأمواج ليست قوية جدا وأن السفن يمكن أن تتفاعل بسهولة أكبر مع الميناء نفسه؟
سنبدأ في فتح الكثير من الفرص إذا توقفنا عن التفكير في القطاع الخاص على أنه الجانب الآخر من الحفاظ على البيئة، بل على أنه أحد أصحاب المصلحة الذين سيستفيدون حقا من المحيط الصحي. المنتدى الاقتصادي العالمي يتعاون مع الأمم المتحدة لإشراك القطاع الخاص ومساعدتهم على فهم ما يجري في هذا المجال وتوجيههم فيه.

مينا إيبس: يجب علينا أيضا التوقف عن التفكير في القطاع الخاص باعتباره مجموعة متجانسة، والتمييز بين الشركات الكبيرة التي نحتاج إلى العمل معها، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي نحتاج إلى الاستثمار فيها.
نريد أن يكون هذا المؤتمر نقطة تحول. نحن نركز على مبادرات مثل اللجنة الدولية لاستدامة المحيطات، التي تجمع المعرفة العلمية ومعارف الشعوب الأصلية. ثم هناك التمويل: كيف نحدث تغييرا حاسما في هذا المجال؟ لأنه بدون ذلك، لن يكون للمؤتمر إرث قوي.