أخبار العالم

مقعد دائم للعرب؟ سفير الكويت يشرح فرص إصلاح مجلس الأمن


في هذا الحوار، يكشف لنا السفير طارق البناي الممثل الدائم لدولة الكويت لدى الأمم المتحدة ورئيس “المفاوضات الحكومية الدولية بشأن مسألة التمثيل العادل وزيادة عضوية مجلس الأمن”، عن كواليس الجهود المتواصلة لإعادة تشكيل أحد أهم أجهزة النظام الدولي، معربا عن تفاؤله بأن مسألة إصلاح مجلس الأمن أمر حتمي وإن استغرقت وقتا طويلا.

يقوم السفير البناي بهذا الدور – الذي أسنده له رئيس الجمعية العامة – منذ نحو ثلاث سنوات، ومن المقرر أن تنتهي رئاسته للمفاوضات الحكومية الدولية في أيلول/سبتمبر المقبل. 

في حوار خاص مع أخبار الأمم المتحدة، يشرح السفير البناي أين تقف الأمم المتحدة اليوم بين واقع عام 1945 وتحولات عام 2025، ويسلط الضوء على التحديات والآمال المعلقة على مستقبل مجلس الأمن.

ميلاد فكرة الإصلاح

يقول السفير البناي إن فكرة إصلاح مجلس الأمن برزت منذ اللحظات الأولى لميلاد المنظمة الدولية، مشيرا إلى وجود “مقاومة” قوية لتركيبة المجلس الحالي، خاصة فيما يتعلق بمنح حق النقض (الفيتو) لخمس دول فقط والحصول على مقاعد دائمة دون غيرها.

يرى السفير الكويتي أن هذا الموقف كان بمثابة “خطأ استراتيجي”؛ حيث ارتكزت الرؤية على “صورة للعالم عام 1945 وتوقعنا أن تظل هذه الصورة سائدة ودائمة حتى يومنا هذا”.

لكن البناي يوضح أن العالم اليوم يختلف جذريا عن عام 1945، فالسياسة والعلاقات الدولية تشهد تغيرات وتقلبات مستمرة، الأمر الذي قال إنه أذكى أصواتا متزايدة تطالب بإصلاح مجلس الأمن.

ويقول البناي: ” تكمن الفكرة في أنه ليس علينا إعادة اختراع العجلة، ولكن أن نطبق على الأقل ما هو متاح من أدوات لدينا”. ويقول إن ميثاق الأمم المتحدة صُمم عام 1945، بينما نحتاج اليوم إلى “جهاز وآلية وميثاق للأمم المتحدة يتكيف ويعمل لـ 100 سنة قادمة”.

ويشرح أن فكرة الإصلاح انطلقت رسميا عام 1978، ثم تبلورت لاحقا في لجنة مفتوحة العضوية، لتتحول في النهاية إلى الآلية الحالية التي يقودها هو.

خلاف حول كيفية الإصلاح

يتفق الجميع على أن إصلاح مجلس الأمن ضروري، لكن نقطة الخلاف الجوهرية تكمن في كيفية تحقيق هذا الإصلاح. 

يوضح السفير البناي أن هناك توجهات متباينة: فبينما تدعم بعض الدول زيادة المقاعد الدائمة والمنتخبة، تفضل دول أخرى الاكتفاء بزيادة المقاعد غير الدائمة.

ويعزو السفير تكرار النقاش لسنوات عديدة دون التوصل إلى وفاق إلى ما وصفه بمحاولة البعض “الحفاظ على أي مكتسبات”.

عملية معقدة ومفاوضات بلا سقف زمني 

السفير البناي يشرح بأنه لا يوجد سقف زمني محدد لهذه المفاوضات، مشيرا إلى أن السقف الزمني يترتب على الاتفاق، فكلما تقاربت وجهات النظر بين الدول، تسارعت عملية الإصلاح.

وأضاف أن عملية توسيع المجلس أو تغيير ميثاق الأمم المتحدة معقدة؛ فهي تتطلب قرارا يُتخذ بثلثي أعضاء الجمعية العامة، ثم تصديق الدول التي صوتت لصالحه في برلماناتها الوطنية.

السفير طارق البناي، مندوب دولة الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة ورئيس "المفاوضات الحكومية الدولية بشأن مسألة التمثيل العادل وزيادة عضوية مجلس الأمن"، خلال حوار مع أخبار الأمم المتحدة.

رغبة جدية في التغيير

يؤكد السفير البناي أن “جميع الدول لديها رغبة في تعديل الآلية المعمول بها الآن، وشكل المجلس والصلاحيات الممنوحة للدول الأعضاء فيه، بدون استثناء”، مشيرا إلى أن الجميع يتطلع إلى التغيير، والفرق يكمن في سرعة الوصول إليه والنتيجة النهائية.

وأوضح أن الرغبة في الإصلاح تنبع من الأهمية البالغة لمجلس الأمن بوصفه الأداة الرئيسية لصون السلم والأمن الدوليين، وأضاف: “وإذا رأينا مجلس الأمن يخفق في أداء مهامه ومسؤولياته، كما رأينا مرارا وتكرارا خلال السنوات الماضية، وخاصة بشأن الوضع في غزة، نرى أن صورة الأمم المتحدة تهتز أمام الشعوب”.

ويرى السفير البناي أن “الإصلاح سنة الحياة، ولا بد لنا أن نتكيف مع الوضع كما هو الآن وليس كما هو على الورق”.

حق النقض (الفيتو)

عند سؤاله عن الانتقادات التي توجه لمجلس الأمن والاتهامات بفشله في صون السلم والأمن الدوليين، قال البناي: “المجلس يفشل حين تكون إحدى الدول دائمة العضوية طرفا أو مؤيدة لطرف في نزاع ما. فحق النقض الممنوح لهذه الدول يمكنها من الوقوف أمام أي إجماع دولي فيما يخص أي قضية. وهو ما رأيناه يتكرر مرارا”.

وقال البناي إن الهدف الأساسي من إصلاح المجلس هو “أن نقضي على هذه الوصلة” وأن يعمل المجلس على قدم المساواة أمام كافة القضايا المطروحة أمامه.

ويشير السفير إلى وجود أدوات في ميثاق الأمم المتحدة يمكنها أن تساعد في ذلك، مثل المادة 27.3 التي تطلب من الدول الأطراف في نزاع ما أن تنأى بنفسها عن المشاركة في قرار المجلس المتعلق بهذا النزاع.

كبار مسؤولي الأمم المتحدة يحملون نسخًا من ميثاق الأمم المتحدة في مقر الأمم المتحدة في نيويورك.

تمثيل عادل للبلدان النامية

فيما يتعلق بمعايير زيادة عضوية مجلس الأمن، يقول السفير البناي: “لم نتوصل إلى صورة واضحة بشأن تحديد هذه المعايير”.

ويوضح أن هناك إجماعا كبيرا على توسيع عضوية المجلس – المكون من 15 عضوا من بينهم 5 دائمو العضوية – إلى ما بين 21 و27 مقعدا كحد أقصى، مشيرا إلى أن الدول الأفريقية تطالب بمقعدين دائمين، بينما تطالب كل من الدول العربية، والدول الجزرية الصغيرة، والدول الإسلامية بمقعد لكل مجموعة.

والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن والتي تتمتع باستخدام حق النقض (الفيتو) هي: الصين، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا وروسيا.

هل ستحصل دولة عربية على مقعد دائم؟

وفي إجابته عن سؤال حول ما إذا كانت دولة عربية ستحصل على مقعد دائم يوما ما، يقول السفير البناي إنه ما من شك في حدوث ذلك إذا جرى تعديل مجلس الأمن وتوسعته، مشددا على أنه “لا يمكن القبول بنتيجة” لا تضمن حصول دولة عربية على مقعد دائم.

ويشدد على أن غالبية دول العالم هي دول نامية، وأن آسيا وأفريقيا، اللتين تمثلان أكثر من نصف العالم، تعانيان من نقص التمثيل. فقارة آسيا لديها دولة دائمة واحدة فقط (الصين)، بينما لا تملك أفريقيا أي مقعد دائم. “أين العدالة في هذا الأمر؟”، يتساءل السفير الكويتي.

ومع ازدحام جدول أعمال مجلس الأمن بالقضايا العربية والأفريقية – التي تمثل حوالي 70% من القضايا المطروحة للنقاش – يقول السفير البناي إنه لا يرى “حلا عادلا أو توسعة عادلة إن لم تتضمن مقعدا دائما لكافة المناطق غير الممثلة بما فيها المجموعة العربية”.

قاعة مجلس الأمن الدولي.

رسالة أمل للمواطن العربي

في الختام وجه السفير طارق البناي رسالة إلى المواطنين العرب ممن ينظرون بيأس لدور مجلس الأمن، مشيرا إلى أن هذا الشعور “طبيعي، خاصة عندما نرى قضايانا تناقش دون حلول، وقرارات تتخذ ولا تنفذ”.

ولكنه يشدد على أنه “لا بد أن يكون لدينا أمل بأن القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة هما صمام أمان لنا”.

وأضاف أن “أفضل وسيلة لعدم الانحدار إلى عالم تسوده سياسة الغاب هو ضمان عالم تسوده سياسة الإيمان بالقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وميثاق الأمم المتحدة”. فالأمم المتحدة، حسبما يقول، هي المنظمة التي تجسد ذلك و“ستحافظ على مكتسبات الدول الصغيرة والدول النامية في إطار القانون الدولي، لأن في نهاية المطاف القانون الدولي هو ملاذنا الأخير”.

نبذة عن المناقشات الحكومية الدولية

في الدورة الثانية والستين، قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة الشروع في مفاوضات حكومية دولية في جلسة عامة غير رسمية للجمعية في دورتها الثالثة والستين.

جاء ذلك استنادا إلى اقتراحات الدول الأعضاء بشأن مسألة التمثيل العادل وزيادة العضوية في مجلس الأمن والمسائل الأخرى المتصلة بالمجلس، سعيا إلى إيجاد حل يمكن أن يحظى بأوسع نطاق ممكن من القبول السياسي من الدول الأعضاء.


اكتشاف المزيد من موقع fffm

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من موقع fffm

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading