أخبار العالم

“الأطباء منهكون ونحن ننتظر رحمة الله”: مرضى غزة يروون معاناتهم في ظل تداعي الخدمات الصحية


مجمع الشفاء الطبي – الواقع في قلب مدينة غزة المدمرة – يمثل رمزا صارخا للتأثير المدمر للحرب على البنية التحتية الحيوية. 

بينما تكشف لقطات وثقتها عدسة مراسلنا في القطاع حجم الخراب الذي حل بمباني المجمع – محولة إياها إلى هياكل مهشمة شاهدة على القصف العنيف – يبرز مبنى وحيد تم ترميمه جزئيا كعلامة ضئيلة على استمرار تقديم قدر من الرعاية الصحية في وجه الاحتياجات الهائلة.

تزدحم مداخل وأقسام العلاج السريع بالمصابين والمرضى، بينما يكافح الطاقم الطبي من أجل تقديم الخدمات وسط نقص حاد في الكوادر والمستلزمات الطبية.

مراسل أخبار الأمم المتحدة في غزة زار مستشفى الشفاء والتقى بمرضى ومرافقيهم ومسؤولين صحيين ونقل لنا المعاناة البالغة داخل المستشفى المدمر.

“نريد أن نُعامل كبشر”

يجلس إبراهيم البنا بجانب ابنه المصاب كريم يواسيه ويربت على كتفه ويلمس رأسه محاولا تخفيف الألم عنه. ويقول لمراسلنا: “ناشدنا الأطباء، ولكن الأطباء أنفسهم منهكون من كثرة المصابين الذين يتوافدون إليهم، ولا يستطيعون الوقوف على أقدامهم من شدة التعب والإرهاق. نحن مواطنون بسطاء، ونناشد العالم بأسره – عربيا كان أم أجنبيا – أن ينظروا لحالنا. نحن شعب يريد أن يعيش، نريد أن نُعامل معاملة البشر”.

“أمنيتي أن يجد أطفالنا رعاية طبية جيدة”

وليس بعيدا عن إبراهيم البنا، تقف حنان الداية إلى جانب طفلتها المصابة بالشلل الدماغي، وتقول لأخبار الأمم المتحدة: “ابنتي مريضة بالشلل الدماغي، وبصعوبة كبيرة أحضرتها إلى المستشفى بسبب السخونة، وقد تعامل الأطباء معها، ولكن أمنيتي أن يجد أطفالنا رعاية طبية جيدة خلال الحرب”.

وتابعت قائلة: “نواجه صعوبات كبيرة في إحضار المرضى إلى المستشفى، وحتى في توفير الغذاء والدواء لهم. الحصار الدائم وإغلاق المعابر قتلا الناس. نحن مرهقون، لا نعاني فقط من الحرب، بل من الجوع والفقر أيضا. نتمنى أن تتبنى جهة ما علاج المرضى. نحتاج إلى تحويلات للعلاج بالخارج أو على الأقل توفير مستشفيات مجهّزة وفي أماكن آمنة، خاصة أننا لا نجد الأمان لا في بيوتنا ولا داخل المستشفيات. حتى الآن، من الصعب جدا الحصول على العلاج”.

قسم العلاج السريع في مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، حيث يتم تقديم الرعاية الطبية للمصابين والمراجعين.

عوض العرابيد، رجل مُسِن، مصاب بكسر في الحوض وظل يرقد داخل قسم العلاج السريع في مجمع الشفاء لأكثر من شهرين. وصف لنا العرابيد حالته فقال: “حالتي الصحية منهارة بسبب قلة التغذية وفقدان الأدوية. هذا ليس بُخلا من الأطباء، فهم يبذلون جهدهم ويعطوننا أكثر ما لديهم، لكن الإمكانيات المحدودة تقلّل من جودة العلاج وتؤثر على صحة المريض. نحن في قطاع غزة نحتاج إلى ثلاثة أضعاف الإمكانيات الحالية حتى نتمكن من الوصول إلى وضع صحي جيد”.

مستشفى يئن من وطأة الضغط

ويحذر مسؤولو الصحة في غزة من أن استمرار الوضع الحالي يهدد بانهيار كامل للمنظومة الصحية في القطاع، في ظل غياب أي مؤشرات على تحسن الأوضاع الإنسانية أو السماح بإدخال الإمدادات الحيوية.

وفي مقابلة مع مراسلنا، قال الدكتور حسن الشاعر، المدير الطبي لمجمع الشفاء: “عدد المرضى والجرحى الذين يصلون إلى قسم الاستقبال آخذ في الارتفاع يوميا ويتراوح ما بين 500 و600 حالة. وهذا عدد مرتفع للغاية بالنسبة للإمكانات المتوفرة. التعامل مع الجرحى صعب للغاية بسبب خطورة الإصابات وقلة الإمكانيات، إذ لا نملك سوى غرفتي عمليات فقط، وهو عدد قليل جدا مقارنة بحجم الإصابات”.

في بعض الأحيان، وفقا للشاعر، يحضر إلى المستشفى ما بين 10 و15 جريحا بحالة خطيرة، ويحتاجون إلى تدخل جراحي فوري، مشيرا إلى أن الضغط يدفعهم إلى المفاضلة بين الإصابات والتنسيق مع مستشفيات أخرى بغرض تحويل بعضهم، “وهذا يشكّل عبئا كبيرا علينا، وقد نفقد بعض الجرحى من أصحاب الإصابات بالغة الخطورة”.

مبنى الجراحات التخصصي في  مجمع الشفاء الطبي وسط مدينة غزة.

خروج مزيد من المستشفيات عن الخدمة

ومع تصاعد العمليات العسكرية شمال القطاع، تفيد السلطات الصحية بخروج ثلاثة من المستشفيات الرئيسية عن الخدمة – وهي مستشفيات كمال عدوان، والإندونيسي، والعودة.

بينما لا تزال مستشفيات مجمع الشفاء والمعمداني تعمل بطاقة محدودة في مدينة غزة. أما في دير البلح وسط القطاع، فلا يزال مستشفى شهداء الأقصى يقدم خدماته، في حين تعمل مستشفيات مجمع ناصر والأوروبي في خان يونس بقدرات محدودة رغم تعرضها للقصف. 

وقد خرج مستشفى أبو يوسف النجار في رفح جنوبي القطاع عن الخدمة كليا. وبسبب كل ذلك يواجه المرضى وأصحاب الأمراض المزمنة تحديات متزايدة في ظل غياب الرعاية الطبية وانعدام توفر الأدوية والخدمات الأساسية.


اكتشاف المزيد من موقع fffm

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من موقع fffm

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading